full screen background image

اذهبُوا وتلمذوا

700

اذهبُوا وتلمذوا جميع الأمَم وعمِّدوهُم…وعلِّموهم أن يعملُوا بكلِّ ما أَوصيتكم به” (متى 28/19)

الأخت كلارا


     هذه هي وصية يسوع المسيح لتلاميذه، واليوم وصيته لنا كمعلمين ومعلمات التعليم المسيحي في كنائسنا. 
وهذه خبرتي كمعلمة تعليم مسيحي. منذ أن كان عمري ٢١ سنة، وبعد اتشاحي بالثوب الرهباني بدأتُ تعليم التناول الأول، عندما بعثتني رهبانيتي لكنيسة العائلة المقدسة في منطقة البتاويين في بغداد، أي كنيستي قبل دخولي الدير. وهكذا أول ما بدأت التعليم صارت ذاكرتي تأخذني إلى الطفولة، عندما تعلمتُ منذ صغري، وكانت صورة رابي فيليب الذي كان يعلّمني لا تفارقني، وهو اليوم الأب فيليب الدومنيكي، وأيضًا رابيتا هناء. كيف كانوا دائمًا يعلموننا أن نواظب ونستمر في التعليم، وكان أول ما يقولونه لنا انه سيأتي يوم وتكونون أنتم واقفين بمكاننا، وتعلّمون ماهي وصية يسوع المسيح لنا، وهي أن نحب بعضنا البعض، ونساعد بعضنا البعض ونحترم بعضنا البعض.

     وهكذا صرتُ اعلّم طلابي في التعليم المسيحي أن يحبون كل مَن يقابلونه من فقير وضعيف ومريض و… و…الخ.
وصرت أُعلّم طلاب التعليم المسيحي في عدة كنائس، وما كنت أريد أن يتوصّل إليه الطالب في التعليم المسيحي هو بناء علاقة لمدى الحياة مع المسيح، ويختلف التعليم المسيحي عن التعليم الرسمي إختلافاً جذرياً. فالتربية الدينية ليست مادة دراسية كباقي المواد، إنها تهدف إلى بناء علاقة لمدى الحياة مع المسيح، إنها “لقاء”، وكنت أقول مع نفسي (بيني وبين نفسي) انه يجب أن أعيش ما أريد أن أوصله للطالب، أي يجب أن أكون نور للطالب، ذاك النور الذي أعطانا إياه المسيح كرسالة “أنتم نور العالم” (متى 14:5).


     وما توصلتُ إليه اليوم إن ما يحتاجه معلم التعليم المسيحي هو أن يقدم ويعلّم (ببساطة القلب) رسالة البشرى والكلمة مستخدمًا ما يتوفر لديه من الوسائل وما يتقنه من منهجيات. وان كل الوسائل والمنهجيات عليها أن تساعدنا لنصل إلى المسيح الذي يخاطب قلوبنا وعقولنا وكياننا كله، لنصبح مُلكًا له وأبناءه بحق. 
     بصراحة أفضل وسيلة لتكون حقاً معلم للتعليم المسيحي الفعّال، هي أن تكون شاهداً من خلال أسلوب حياتك، فاظهر الاحترام لطلابك، وتقاسم الفرح والسلام الذي وجدته في الله معهم. 
     خبرتي الروحية مع التعليم المسيحي عَمَلت على جعل لقاء التعليم المسيحي لقاءً حميماً بين الطالب ومعلمته (أنا)، الطالب وصديقه، فيكون بذلك لقاءً بين الطالب والله، الطالب والكنيسة، الطالب والمجتمع، والطالب مع نفسه.

     عندما يكمل كل هذا مع الطالب في التعليم المسيحي، بهذا إذن أكون أنا قد حققتُ كمعلمة ما علّمني إياه المسيح على مثال تلاميذه “اذهبوا وتلمذوا… وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به” (28: 19-20) آمين.