انطون زبوني
الأخت حنان إيشوع
مقدمة
ترعرع انطون في عائلة تقية ربته على روح التقوى، معلمة إياه تعاليم المسيح وحبه للبشر، لذلك أحب الرب وزف إليه قلبه. والرب الذي أحبه وملك قلبه، جعله يميز الطريق المستقيم، وزاده علماً ويقيناً بكل شيء.
كان انطون نافذ البصيرة ومحباً للخير، لا يقهر لأن الرب سنده وقوته. لذلك حمل بصبر واتضاع كل ما حل به “لان الذهب تطهره النار وخيرة الناس يطهرهم جمر الاتضاع” (يشوع بن سيراخ 2/ 5). وحرص دائما على عدم هدر وقته؛ بل الاستفادة منه بالمطالعة وخدمة الرعية لذلك غدا واعظاً ومرشداً، لا يتوقف أبدا عن نثر البذار في القلوب المتعطشة في أبسط الاحياء، سواء من على المنابر او من خلال احتكاكه بالعامة في البيوت والأحياء وسواهما. لذا يستحق أن يتعرف عليه القارئ من خلال هذه الأسطر المتواضعة.
من هو انطون زبوني
وسط اسرة راسخة الجذور، يبصر انطون النور في 17/1/1883. يتعلم من والديه الكثير عن الصلاة وحياة القديسين. حتى استحوذت الدعوة على قلبه وذهنه. فقرر أن يصبح كاهنا، ليبدأ خطواته العظيمة التي لم يتوقعها أحد ولم يخطط لها أحد الا الله وحده، لأنه امتلك ارادة صلبة كما يبين بقوله: “متى اتخذت قرارا فاني اتابعه حتى الموت ورغم كل الظروف”. كان ناجحاً لأنه يكمل كل شيء بدقة واهتمام، ماشيا قدما في طريق الله بخطى حثيثة نحو الهدف – بتأسيس رهبانية بنات مريم الكلدانيات.
محطات في حياة انطون
- ابصر النور في عام 1883.
- دخل المعهد الاكليركي في عام 1895.
- رسم كاهنا في عام 1907. بعد الرسامة بقي في الموصل يعمل بنشاط مع الاباء المرسلين، الذين كان لهم مشاريع عديدة، وإلى جانب المعهد الاكليركي، كانوا يقومون بالإرشاد الروحي للراهبات ويشرفون على الاخويات.
- في عام 1916 انتقل إلى بغداد بناء على طلب البطريرك برفقة الاباء فيليبس شوريز، انطونيوس الراهب، وعمانوئيل رسام. حينها الحكمة “قادت الصديق… في سبيل مستقيمة وأرته ملكوت الله وآتته علم القديسين” (الحكمة 10/ 10) فأسس رهبنة لتخدم الله والقريب.
- حمل رسالة المسيح اينما حل واينما وجد طيلة حياته. في سبيل المختارين “حتى يحصلوا هم أيضا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع المجد الابدي” (تيموثاوس الثانية 2/ 10). فعلى سبيل المثال، اثناء نشوب الحروب لم يكن ليقف مكتوف الأيدي، بل اندمج مع اخوته المؤمنين مشاركا اياهم معاناتهم، وشد عزيمتهم ليصبروا على المحن التي كانوا يمرون بها آنذاك، مثبتا اياهم بإرشاداته وتعاليمه.ومن أجلهم في 16/ 11/ 1922 أعلن رغبته في البدء بمشروع اقامة رهبنة نسائية.
- الوقت الذي اسس فيه الرهبنة لم يكن هينا، ومع ذلك فقد توجه بثقة واخترق حواجز عديدة بصبر واناة من اجل يعمل شيئا من اجل الذين هم بحاجة لخدمته الراعوية.وفي 7/ 8/ 1922 تجمعت لأول مرة ست شابات في عقد النصارى، في بيت خصصه البطريرك للرهبنة.
- ثلاث اسس تظهر في رسالة انطون عندما منحه البطريرك الأذن لإقامة مشروعه الذي سعى له: فكرت (التفكير الجاد بالمشروع). صليت (أساس الرسالة وكشف مشيئة الله). واستشرت (عدم الاعتماد على الذات).
- انتقل الى الاخدار السماوية في عام 1955.
من أقواله
- في احدى الرسائل الى البطريرك: “… اعدك باني سأكرس ذاتي من كل قلبي لهذا المشروع، وانا مستعد لان افديه بروحي ان دعت الحاجة، ولن اتراجع امام اية تضحية”.
- في احدى الرسائل الى البطريرك: “اني لا اجهل يا سيدي الصعوبات الكثيرة والثقيلة التي تنشأ في بدء الاعمال من هذا القبيل، ولكن رغم كل المتاعب التي قد الاقيها سأبقى صامدا”.
- “التزم بالمبادئ فلا اغيرها”.
خاتمة
في الحقيقة، منح الله الجميع النور والنعم الكافية والقوة الضرورية لاكتشاف الحقائق. ومن اغتنم فرصة وجودها استفاد من إلهامها ومعونتها ليستطيع أن يختار الطريق الصحيح ويتقدم في طريق القداسة. هكذا استنار كل القديسين بنعمة الروح القدس استناروا وميزوا الطرق المستقيمة. تاركين وراءهم كل الشهوات الباطلة والأشياء الزائلة لكي يصبحوا شركاء الطبيعة الإلهية، فيغدون “كشجرة مغروسة على مجاري المياه، تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل” (مزمور 1/3).
هكذا مؤسسنا الذي اختار طريق تكميل مشيئة الله في حياته مستمدا القوة من نعمته تعالى رغم الصعوبات والالم، لذا نحن بحاجة إلى ان نتعلم الكثير من الذي بفضله اليوم نحن رهبنة ونقتدي به في وقت الصعوبات. يكفي بانه عاش سنين بدون ان يرى كيف ان الحبة الصغيرة التي زرعها نمت لتصبح شجرة.
فمن منا يعيش بدون الم؟ ومن يرفض الالم في حياته ولا يعترف بوجوده لن يستقر في حضن السعادة! لأن الفرح الحقيقي هو ثمرة جهد وتعب وسهر وانتظار كما فعل الخوري انطون زبوني.
المصدر: الأب بطرس حداد، الخوري أنطون زبوني، بغداد، الاديب 2006.